درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/03/04

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

قال صاحب العروة:

مسالة 6: «إنما يعتبر الاستطاعة من مكانه لا من بلده فالعراقي إذا استطاع وهو في الشام وجب عليه وإن لم يكن عنده بقدر الاستطاعة من العراق. بل لو مشى إلى ما قبل الميقات متسكعا أو لحاجة أخرى من تجارة أو غيرها وكان له هناك ما يمكن أن يحج به وجب عليه. بل لو أحرم متسكعا فاستطاع وكان أمامه ميقات آخر أمكن أن يقال بالوجوب عليه وإن كان لا يخلو عن إشكال.»[1]

قال في المدارك:«ولا يعتبر في الاستطاعة حصولها من البلد، فلو اتفق كون المكلف في غير بلده واستطاع للحج والعود إلى بلده وجب عليه الحج قطعا.»ومثله عن الذخيرة والمستند. واستدلوا لذلك: مضافاً الى صدق الاستطاعة حيث انها حصلت له فصار متمكناً من الاتيان بالفريضة، ومع تحقق شرط الوجوب لا مانع من تحققه بالنسبة اليه.لصحيحة معاوية بن عمار السابقة. بقوله:

قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يمر مجتازا يريد اليمن أو غيرها من البلدان وطريقه بمكة فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى المشاهد، أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام ؟ قال: نعم.[2]

واورد على الاستدلال به السيد الحكيم(قدس سره) في المستمسك:« لكن دلالة هذا الصحيح غير ظاهرة إذ الظاهر منه كون جهة السؤال عدم قصد الحج من البلد، لا عدم تحقق الاستطاعة منه.»ثم افاد (قدس سره):فالعمدة: العمومات الدالة على الوجوب على المستطيع.

وحكى في المدارك عن الشهيد الثاني: أن من قام في غير بلده إنما يجب عليه الحج إذا كان مستطيعا من بلده. إلا أن تكون إقامته في الثانية على وجه الدوام، أو مع انتقال الفرض، كالمجاور بمكة بعد السنين. وضعفه مما ذكر ظاهر.»[3]

ويمكن ان يقال:ان وجوب الحج مشروط بالاستطاعة، وهذا الشرط اينما تحقق وجب الحج في عامه ولم يقيّد بان تحصل الاستطاعة في بلد المستطيع او فيما يصدق عليه انه وطنه او محل استقراره ومعيشته وشغله، فان المعيار على ما مر التمكن من الاتيان بالحج في عامه، ووجهه العمومات والاطلاقات الواردة على وجوب الحج عند تحقق الاستطاعة. واما ما افاده الشهيد (قدس سره):فظاهره ان شرط الوجوب الاستطاعة من بلده حتى انه لو كان في بلد اخر فان حصل له ما يتمكن منه من الاتيان بالحج من بلده يجب عليه الحج والا فلا يجب حتى لو حصل له ما يتمكن منه من الاتيان من مكانه.وهذا مما لا يمكن المساعدة ‌عليه لاطلاق ما دل على اعتبار الاستطاعة كما افاده السيد الحكيم (قدس سره).كما انه ينافي ظاهر صحيحة معاوية بن عمار السابقة.وما اورد على دلالتها السيد الحكيم (قدس سره) لا يتم المساعدة‌ عليه وذلك لانها وان كان ظاهرها السؤال عمن لا يريد الحج في قطع طريقه الى مكة. فانه لا ينافي ذلك ان يكون عدم قصدها للحج كان لاجل عدم استطاعته في ابتداء حركته وسفره، كما انه يمكن ان يكون عدم قصده لا يكون لاجل عدم الاستطاعة، بل لا يقصده مع استطاعته وان كان بعيداً عن ظهور الآية، ومبادرته الى الحج مع الناس يكشف عن استطاعته حين الخروج معهم وترك استفصال الامام (عليه السلام) عن الحالين يوجب انعقاد الاطلاق.هذا كله بالنسبة الى ان الضابطة في الاستطاعة، تحققها من مكانه، لا من بلده واما بالنسبة الى قوله:«بل لو مشى الى ما قبل الميقات متسكعاً او لحاجة اخرى من تجارة او غيرها وكان له هناك ما يمكن ان يحج به وجب عليه.بل لو احرم متسكعاً فاستطاع، وكان امامه ميقات اخر، امكن ان يقال بالوجوب عليه، وان كان لا يخلو عن اشكال.»واساس ما افاده هنا، ما ذكره سابقاً من ان قطع الطريق خارج عن افعال الحج، فلو قطعه لا بنية الحج بل بنية اخرى او قطعه من غير ان يكون واجداً للشرط وهو الاستطاعة. فانه لا يوجب خللاً فيما اتى به من الحج، اذا كان متمكناً منه من الميقات.وكذا ما افاده في ابتداء‌ المسألة من ان الضابطة في الاستطاعة تحققها من الميقات اي من مكانه، لا من بلده، فلا يلزم قطع الطريق واجداً لها.وعليه فلو حصلت له الاستطاعة بعد قطع الطريق وعند وصوله الى الميقات، فلا محذور في وجوب الحج عليه وكفاية ما اتى به عن حجة الاسلام وهذا واضح، لا اشكال فيه. انما الكلام فيما اذا قطع الطريق متسكعاً واحرم من دون ان يكون واجداً للاستطاعة ثم حصلت له بعد احرامه من الميقات.فافاد صاحب العروة بانه لو كان امامه ميقات آخر، امكن ان يقال بالوجوب عليه وان كان لا يخلو عن اشكال.

 


[1] العروة الوثقي-جامعه المدرسين، السيدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص365 و 366.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحرالعاملی، ج11، ص58، أبواب وجوب الحج، باب22، ط آل البيت.
[3] مستمسك العروة الوثقي-ط بيروت، السيد محسن الطباطبايی الحكيم، ج10، ص78.