درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/02/05

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

فهنا يمكن ان يقال:ان الطائفة الثانية– الواردة في كفاية القدرة على المشي في وجوب الحج – نص في وجوب الحج على القادر على المشي ونفي اعتبار الزاد والراحلة.

فان قوله (عليه السلام): «فان كان يستطيع ان يمشي بعضاً ويركب بعضاً فليفعل» عند السؤال: عمن يستطيع الحج. في صحيحة محمد بن مسلم.

او قوله: «نعم، ما شأنه ان يستحيي ولو يحج على حمار اجدع ابتر؟ فان كان يستطيع – يطيق - ان يمشي ويركب بعضاً فليحج». عند السؤال: «قلت له: فان عرض عليه ما يحج به فاستحيى من ذلك أهو يستطيع اليه سبيلاً» في صحيحة الحلبي عن ابي عبدالله (عليه السلام).

او قوله (عليه السلام): «نعم، ان حجة‌الاسلام واجبة على من اطاق المشي من المسلمين» في مقام الجواب عن سؤال الراوي «عن رجل عليه دين اعليه ان يحج» في صحيحة معاوية ‌بن عمار عن ابي عبدالله (عليه السلام).

نص في وجوب الحج على من يقدر على المشي عرفاً وعدم اشتراط الزاد والراحلة تعبداً، واما الطائفة الاولى فهي ظاهرة في اشتراطهما.

فان في صحيحة‌ الخثعمي عن ابي عبدالله (عليه السلام) عند السؤال عن الآية «‌قال (عليه السلام): ‌من كان صحيحاً في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة».

وفي صحيحة هشام عن ابي عبدالله (عليه السلام) عند ذكر الآية «قال (عليه السلام): من كان صحيحاً في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة» عند السؤال عن معنى السبيل بقوله: ما يعني بذلك.

وهذا البيان ظاهر في تفسير الآية بهذه الامور تعبداً، - في فرض التسلم – ولا يابي ذلك عن الحمل علي بيان الاستطاعة العرفية.ومقتضى الجمع العرفي بينهما الغاء خصوصية الزاد والراحلة تقديماً للنص على الظاهر. ومع التسلم وعدم تمامية هذا الوجه من الجمع العرفي بين الطائفتين وفرض وقوع التعارض فانه يرجح الطائفة ‌الثانية لموافقتها لظاهر الكتاب في اشتراط الوجوب بالاستطاعة العرفية.

وما افاده صاحب العروة (قدس سره) من اعراض المشهور عن هذه الطائفة فلا يتم المساعدة عليه لعدم ثبوت هذه الشهرة فضلاً عن الاجماعات المنقولة المدعاة لان المسألة مختلف فيها بين الاصحاب حتى القدماء منهم مع قوة ظهور كلماتهم في بيان الزاد والراحلة بعنوان مصداق الاستطاعة العرفية كما مر في الاخبار الواردة‌ في الطائفة الاولى دون اشتراط التكليف بهما مطلقا.

ومنه يعلم عدم تمامية ما افاده السيد الخوئي (قدس سره) من قوله:«المشهور بين الاصحاب هو الاول، بل لم يعهد غيره في كلمات القدماء منهم، فكانه متسالم عليه بينهم.»اذ كفى في الخلاف فيه عندهم البحث عن اختصاص الاشتراط المذكور بالبعيد او انه يشمل القريب، والتأمل في حد القرب. هذا، واما ما افاده السيد الخوئي (قدس سره) في مقام طرح الطائفة الثانية ففيه جهات من البحث:ففيه جهات من البحث:

الاولى: انه (قدس سره) قد افاد: « فالصحيحتان خارجتان عن محل الكلام بالكلية ولا موقع للاستدلال بينهما فيما نحن فيه بوجه»

ومراده:

1 - صحيحة محمد بن مسلم عن ابي جعفر (عليه السلام) «قلت لابي جعفر (عليه السلام): فان عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال: هو ممن يستطيع الحج ولم يستحيي؟ ولو على حمار اجدع ابتر.

قال: فان كان يستطيع ان يمشي بعضاً ويركب بعضاً فليفعل.»

2 - صحيحة‌الحلبي عن ابي عبدالله (عليه السلام) «قال: ‌قلت له: فان عرض عليه ما الحج فاستحيى من ذلك اهو ممن يستطيع اليه سبيلاً؟ قال: نعم ما شأنه يستحيي ولو يحج على حمار اجدع ابتر، فان كان يستطيع – يطيق- ان يمشي بعضاً ويركب بعضاً فليحج.»

وافاد في وجه خروجهما عن محل الكلام:«وهاتان الصحيحتان ربما يظهر منهما وجوب الحج ولو ماشياً ولكنك خبير بان الحج في مورد هاتين الصحيحتين حرجي جداً، فان المشي تارة‌والركوب اخرى او الركوب على حمار اجدع ابتر فيه من الذل والمهانة والمشقة‌ الشديدة ما لا يخفي، ولا يلتزم الاصحاب بوجوب الحج في مثل ذلك قطعاً.والظاهر انهما ناظرتان الى صورة‌استقرار الحج بالبذل الذي هو المقصود من عرض الحج عليه ورده استحياءً عن قبوله – ولا حياء ‌في الدين – فعدم قبول الحج المعروض عليه المحقق للاستطاعة ‌موجب للاستقرار، فيجب عليه الحج من قابل ولو متسكعاً وبصورة ‌العسر والحرج.ويعضده التعبير بـ (استحيى) بصيغة‌الماضي لا (يستحيي) بصيغة الحال الكاشف عن ان مورد السؤال امر قد مضى فاستقر عليه الحج، لا انه عرض عليه فعلاً وهو يستحيي عن قبوله.»ويمكن ان يقال:ان المراد من الروايتين حسب ظاهرهما انه عرض الحج على احد فاستحيى عن قبوله فسأل الراوي عن الامام ما كان في الحقيقة مسألتين:

1 - انه لو عرض الحج على غير المستطيع، فهل يستطيع بذلك ام لا؟

2 - انه اذا لم يقبله استحياءً فهل يمنع الاستحياء المذكور عن حصول الاستطاعة له؟

وثانياً انه ليس عليه ان يستحيي عن ذلك.

اما بالنسبة الى السؤال الاول: فان جواب الامام ظاهر في حصول الاستطاعة بالبذل، وكان الامام (عليه السلام) في مقام بيان اصل المسألة، وهو وجوب الحج عليه بذلك في الجملة، وليس في مقام البيان بالنسبة الى تفصيلات المسألة. ككون هذا العرض غير مناف لشؤونه او ان قبوله من الباذلين في الفرض لا يستلزم مهانته ‌او ذلته وامثال ذلك.