درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/12/17

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

ثم قال (قدس سره):واما الثانية:فهي ايضاً ممنوعة. حتي وان تنازلنا وسلمنا المقدمة الاولي.ضرورة ان مثل مؤثقة اسحق بن عمار غير قاصرة الشمول لما اذا تحقق البلوغ في الاثناء.

قال: « سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن ابن عشر سنين، يحج ؟

قال: عليه حجة الاسلام إذا احتلم، وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت »المؤيدة برواية شهاب وان كانت ضعيفة بسهل بن زياد.فان صدرها وان لم يكن له اطلاق يشمل صورة البلوغ في الاثناء لبعد بلوغ ابن عشر سنين جداً، فان الغالب احتلامه في الثالثة عشرة من عمره فما بعد ويندر في الاقل من ذلك.الا ان في ذيلها اعني بلوغ الجارية بالطمث مطلق يشمل ما اذا حدث الطمث اثناء الحج.وقوله في السوال«يحّج» اعم من التلبس الفعلي بالحج او الانتهاء منه ولا ظهور له في الثاني كما لا يخفي.

وعلي الجملة: لاينبغي التأمل في انعقاد الاطلاق لهذه الموثقة الشامل لما اذا كان البلوغ بعد الفراغ من الاعمال او في اثنائها.

ولا موجب للاختصاص بالاول بوجه. فيحكم من اجلها لعموم عدم الاجزاء لكلتا الصورتين.

ويؤيده: اتفاق الاصحاب وتالسمهم علي عدم الاجزاء فيما لو بلغ بعد الوقوفين ولو كان اثناء العمل.

اذ من المستبعد جداً ان يكون ذلك، لاجل الاجماع التعبدي الكاشف عن رأي المعصوم (عليه السلام). بل الوجه فيه فهم الاطلاق من الموثق المزبور وعدم الاختصاص بالبلوغ بعد العمل.فاذا ثبت الاطلاق شمل البلوغ قبل احد الوقوفين ايضاً ‌بمناط واحد كما لا يخفي.فتحصل:

ان الاقوي عدم ثبوت هذا الاستثناء فلا يجزي حج الصبي عن حجة الاسلام مطلقاً، ومعه لا تصل النوبه الي الفروع المترتبة عليه المشار اليها في المتن.»[1]

ويمكن ان يقال:

فان نظره الشريف الى صحيحة اسحاق بن عمار. «ما رواه الصدوق باسناده عن صفوان عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن ابن عشر سنين، يحج ؟ قال: عليه حجة الاسلام إذا احتلم، وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت.»

من جهة ان مقتضى اطلاقها وجوب حجة الاسلام على الصبي حتى اذا حصول البلوغ في اثناء حجه اي ان الصبي يجب عليه حجة الاسلام سواء احتلم حين ما فعله من الحج المندوب او لم يحتلم.وايده:بموثقة شهاب بن عبد ربه ـ عندناـ وان كانت ضعيفة عنده (قدس سره) بسهل بن زياد.حيث إن ظاهرها ايضاً الاطلاق المذكور. وهي ما رواه محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن شهاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) - في حديث - قال: سألته عن ابن عشر سنين، يحج ؟

قال: عليه حجة الاسلام إذا احتلم، وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت.[2]

وافاد (قدس سره): بان صدر رواية شهاب وان ربما يشكل فيه انعقاد الاطلاق بالنسبة الي الصبي الذي يحتلم في اثناء العمل.

الا ان ذيل الرواية بقوله: «وكذلك الجارية عليها الحج اذا طمثت.» فان اطلاقه بالنسبة الى الجارية التي ربما طمثت في الاثناء مسلّم.

وفيه:انه قد تعلمنا منه (قدس سره) ان الاطلاق انما ينعقد اذا كان المتكلم في مقام البيان بالنسبة الى الحيثية التي كنا بصدد انعقاد الاطلاق فيه.فنقول هنا انه هل يتوهم احد كون المتكلم بصدد بيان هذه الجهة في قوله: «عليه حجة الاسلام اذا احتلم».فان الصبي اذا احتلم في الاثناء قبل ادراك المشعر وقام الدليل على كفاية عمل فاقد الشرط الى هذا الحد عن واجده، فانه كيف يمكن الالتزام بان الصبي المفروض كونه مكلفاً بوجوب الحج ويتمكن من الاتيان في الواجب، يلزم عليه اتمام حجه المندوب، وهل هو غير ان المكلف المستطيع مع وجوب الحج عليه جاز له الاتيان بالحج المندوب.

وأعجب منه استفادة هذا الاطلاق من قوله: «والجارية اذا طمثت» وكيف يمكن أن يكون قوله «يحج» في قول الراوي: «سالته عن ابن عشر سنين» اعم من التلبس الفعلي بالحج او الانتهاء منه.

فان في فرض التلبس الفعلي مع التمكن من ادرك الواجب بمقتضى التوسعة كيف يمكن استفادة التعميم.فان قلت: انه (قدس سره) لا يلتزم بدلالة الاخبار على التوسعة ومعه ما الاشكال في اطلاق الروايتين صدراً او ذيلاً فيما ادعاه.قلت:ان تمام الكلام في انعقاد الاطلاق المذكور. فان للمدعي ان يقول إن الخبر في مقام بيان أن الصبي لا يتمكن من الاتيان بحجة الاسلام ولا يكفي ما فعله من الحج عن حجة الاسلام ولو فعله مراراً. ولكن ذلك مفروض فيما اذا لم يحتلم، واما من احتلم مع فرض ادراكه معظم العمل فيشك في انعقاد الاطلاق المذكور بالنسبة اليه، والشك في انعقاد الاطلاق كاف في عدم انعقاده لان الاطلاق دليل يؤخذ به عند احرازه دون مع الشك فيه.وأعجب منه قوله (قدس سره):

ويؤيده: اتفاق الاصحاب وتسالمهم فيما لو بلغ بعد الوقوفين ولو كان اثناء العمل لان الوجه فيه فهم الاطلاق من الموثق المزبور...

وانه اذا ثبت الاطلاق شمل البلوغ ايضاً بمناط واحد.حيث يلاحظ فيه:انه لو تم هذه الاتفاقات وتسالمات الاصحاب فقد نقل نفسه (قدس سره) اجماع الاصحاب على الكفاية لمن ادرك المشعر.ومعه فان عدم التزامهم بعدم الكفاية بعد الوقوفين انما كان لاجل الاخبار المستدل عليها في كلماتهم الدالة على الكفاية اذا ادرك المشعر بل قد مر في كلماتهم الكفاية ولو ادرك المشعر بوقوفه الاضطراري يوم النحر اذا ادرك جماعة يسيرة فيه ولو بقدر الخمسة.وقد مر فيها ايضاً كفاية العمرة التي اتى بها قبل حجه بل الطواف والسعي اذا قدمهما على الوقوف.ومع هذه التصريحات كيف يمكن تأييد ما قرره (قدس سره) من عدم الكفاية بكلمات الاصحاب.فانه ليس حدوث البلوغ قبل ادراك الوقوفين عندهم بمثابة حدوثه بعده.هذا كله مع انه قد مر ما افاده في مسألة 6 من مسائل شرط الاستطاعة في ذيل كلام صاحب العروة:« بل لو مشى إلى ما قبل الميقات متسكعا أو لحاجة أخرى من تجارة أو غيرها وكان له هناك ما يمكن أن يحج به وجب عليه بل لو أحرم متسكعا فاستطاع وكان أمامه ميقات آخر أمكن أن يقال بالوجوب عليه وإن كان لا يخلو عن إشكال.»فقال في الحاشيةعليه:

« بل هو ـ الوجوب ـ المتعين لكشف الاستطاعة عن عدم الأمر الندبي حين الإحرام فيجب عليه الإحرام للحج ثانيا سواء أكان أمامه ميقات آخر أم لم يكن. »[3]

والمفروض فيه عليه غير المستطيع الذي احرم للحج مندوباً فاستطاع في حين حجه وكان امامه ميقات اخر.وافاد في تقرير بحثه حسب نقل الشيخ البروجردي (قدس سرهما):« انما الكلام فيما لو احرم متسكعاً ‌فاستطاع،‌ فقد استشكل الماتن في وجوب الحج عليه نظراً الي انه قد احرم صحيحاً ولا يخرج عند الا بالمحلل،‌ فليس له الابطال ولا العدول، ‌ولاجله يكون معذوراً عن اداء حجه فيسقط عنه.»فافاد في مقام دفع كلام صاحب العروة بعدم كونه معذوراً قال (قدس سره):«بانه بعد فرض تحقق الاستطاعة بالمعنى الذي سبق اعني الزاد والراحلة وتخلية السرب المستتبع لتعلق الوجوب بمقتضى اطلاقات الادلة.يستكشف من ذلك – بطبيعة الحال– بطلان الاحرام الاول وان تخيل صحته وانه لم يتعلق به الامر من الاول اذ بعد ان كان مستطيعاً في علم الله فهو في هذه السنة غير مأمور الا بحجة الاسلام فذاك الاحرام غير منعقد في حد نفسه.وعليه فحكم هذا الشخص حكم من تجاوز الميقات من غير احرام من إنه ان تمكن من الرجوع اليه رجع والا ففيه تفصيل سيجيء في محله ان شاء الله تعالى.فالمقام نظير من احرام وهو في الميقات ثم استطاع في بلده بارث ونحوه الكاشف عن بطلان احرامه ولزوم استئنافه بقصد حجة الاسلام بلا كلام.

ومما ذكرنا تعرف انه لا وجه لتقييد الحكم بما اذا كان امامه ميقات اخر كما صنعه في المتن لعدم الموجب لهذا التقييد بعد شمول الحكم له ولغيره بمناط واحد»[4]

فنقول:إن المفروض في هذا المقام حصول الاستطاعة حين حجه الذي احرم له بقصد الندب فهنا نسئل عنه بان الاستطاعة شرط من شرائط وجوب الحج، وكذا البلوغ والحرية والختان وامثاله. فما الفرق بين شرط و شرط وكيف بعد فرض بلوغ قبل ادراك الوقوفين لم يكن في علم الله انه في هذه السنة غير مامور الا بحجة الاسلام، وان حكم هذا الصبي حكم من تجاوز الميقات من غير احرام طابق النعل بالنعل.فانه يستكشف من حصول البلوغ له حين حجه وبمقتضى ما ورد من اعتبار البلوغ في الحج ـ بطبيعة الحال ـ بطلان الاحرام الاول وان تخيل صحته، وانه لم يتعلق به الامر من الاول.بل إن لازم ما قرر هنا بطلان الاحرام الذي تلبس به بعنوان الندب ولو حصول البلوغ بعد الوقوفين، وانه لا وجه لتقييد الحكم بما اذا كان امامه ميقات اخر، ولولم يمكن لنا ما دل على التوسعة ولم يثبت اجماع الاصحاب في المقام.فقد ظهر مما حققناه:انه اذا بلغ الصبي حين ما أتى بالحج بينة الندب وبلغ قبل ادراك المشعر، وادراكه بالغاً ولو بالادراك الاضطراري يجزي ما أتى به ملفقاً من الواقع في ظرف فقدان شرط البلوغ وظرف وجدانه عن حجة الاسلام بلا فرق في ذلك بين القران والافراد ولايجب عليه الاتيان بالعمرة ثانياً بتبدل حجه الى الافراد اذا كان متمتعاً كما لا يجب عليه الطواف والسعي اذا اقدمها على الوقوفين ويلحق بالصبي العبد اذا أُعتق والمجنون اذا أفاق حينئذ وفاقاً للمشهور.

 


[1] مستند العروة الوثقي، الشيخ مرتضی البروجردي، ج1، ص53 و 54.
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحرالعاملی، ج11، ص45، أبواب وجوب الحج وشرائطه، باب13، ط آل البيت.
[3] العروة الوثقي-جامعه المدرسين، السيدمحمدکاظم الطباطبائی اليزدی، ج4، ص365 و 366.
[4] مستند العروة الوثقي، الشيخ مرتضی البروجردي، ج1، ص98 و 99.