درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/11/08

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

الثانية:

ما رواه الشيخ في التهذيب ايضاً وباسناده، عن محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه، أن عليا (عليه السلام) كان يقول: عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة (وفي بعض النسخ تحمله العاقلة).[1]

اما جهة السند فيها:فرواه الشيخ (قدس سره) باسناده عن محمد بن الحسن الصفار.واسناده اليه صحيح في المشيخة والفهرست. ومحمد بن فروخ الصفار، وثقه النجاشي والعلامة. وهو من الطبقة الثامنة. وهو رواه عن الحسن بن موسى الخشاب، قال النجاشي: من وجوه اصحابنا مشهور كثير العلم والحديث.وهذا التعبير من النجاشي يدل على وثاقته عندنا وان لاتنصيص على وثاقته في كتب الرجال.وهو من رجال كامل الزيارات و تفسير علي بن ابراهيم، ومن الطبقة السابعة.

وهو رواه عن غياث بن كلوب بن قيس البجلي، لا تنصيص على وثاقته في كتب الرجال، وانما قال فيه الشيخ (قدس سره) في العدة: ان العصابة عملت بروايته لم ينكر، ولم يكن عندهم خلافه.[2] وهو من الطبقة السادسة.

وهو رواه عن اسحاق بن عمار، والظاهر انه اسحاق بن عمار بن حيان ابو يعقوب الصيرفي.

قال فيه النجاشي: شيخ من اصحابنا ثقة و اخوته يونس و يوسف و قيس و اسماعيل و هو في بيت کبير من الشيعة و ابنا اخيه علی بن اسماعيل و بشر بن اسماعيل کانا من وجوه من روی الحديث.[3]

وهو من الطبقة الخامسة:وقلنا انه اسحاق بن عمار بن حيان بقرينة رواية غياث بن كلوب عنه وليس هو اسحاق بن عمار الساباطي وهو ان كان ثقة لكنه فطحي وفي كثير من الكلمات التعبير باسحاق بن عمار من دون اضافة والحق ان العنوان اسم لرجلين.وعليه فانه لايثبت اعتبار الرواية من جهة غياث بن كلوب.

هذا: وعبر السيد الخوئي(قدس سره) عن هذه الرواية بالمعتبرة في التقريرات.

ووجهه ما افاده (قدس سره) في معجم رجاله بالنسبة الى غياث بن كلوب قال (قدس سره):

« وذكر الشيخ في العدة أنه من العامة، ولكنه عملت الطائفة بأخباره إذا لم يكن لها معارض من طريق الحق، ويظهر من مجموع كلامه أن العمل بخبر من يخالف الحق في عقيدته مشروط بإحراز وثاقته وتحرزه عن الكذب، وعليه فيحكم بوثاقة غياث بن كلوب وإن كان عاميا.»[4]

ويمكن ان يقال:

الظاهر ان ما افاده اجتهاد في كلام الشيخ (قدس سره) فان كلامه في العدة ج1 ص149 «ان عملت الطائفة... وغياث ابن كلوب... وغيرهم من العامة عن أئمتنا عليهم السلام فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه»[5] ، وظاهر هذا الكلام انه لا يؤخذ بما رواه اذا كان طريقنا ما روي بخلافه او لم يكن ما رواه منكراً بحسب طريقتنا ومعنى ذلك عدم اعتبار فعله اذا كان له معارض من قبلنا، وهذا ينافي الوثاقة. ودلالة هذا القول من الشيخ (قدس سره) على وثاقة الرجل بالنظر الى كونه من العامة لا يمكن المساعدة عليه.

وذلك لانه لو صدر هذا الكلام بالنسبة الى راوي منا لم يلتزم نفسه (قدس سره) بدلالته على الوثاقة لان الوثاقة يوجب اعتبار نقل الخبر مطلقاً بلا فرق بين وجود معارض وبين عدم وجوده ولا بين كونه عامياً او كونه من الطائفة ولا بين كون المعارض من طريقنا او من طريقهم.فانه (قدس سره) قرر في الاصول بان ثبوت الوثاقة يوجب اعتبار الخبر والبحث عن المعارض انما هو بحث في مقام المانع بعد ثبوت الاقتضاء، فاذا عارض النقل نقل اخر موثق فانما يدخل ذلك في بحث تعارض الخبرين وبحث تعارضهما لايجري الا بعد حجية الخبرين وكلامنا في المقام انما يكون في نفس الحجية اي في مقام الاقتضاء فاذا التزم الشيخ (قدس سره) باعتبار نقله ـ بتعبير عمل الطائفة باخباره ـ عند وجود معارض منا، فانما يدل على عدم اعتبار وثاقته لان مع اعتبار وثاقته انما يدخل النقلان في تعارض الخبرين وليس من المرجح في مقامه كون الشخص منا، بل المرجح مخالفة مضمون الخبر معهم.هذا كله مع انه ينقض عليه (قدس سره) بانه لايلتزم بعمل الاصحاب فيمن يروي ابن ابي عمير صفوان والبزنطي عنها مع انه اصرح من هذه الشهادة واتم.اما جهة الدلالة فيهما:فان قوله (عليه السلام) عمد الصبي وخطأه واحد ظاهر في ان عمد الصبي وخطأه لهما حكم واحد. وان هذين الحالتين لا يفترقان من حيث الحكم في مورده، وطبعاً يكون في مورد كان للعمل والفعل الواحد حكمان، حكم في صورة العمد، وحكم في صورة الخطأه، والخصوصية في الصبي هي انه بخلاف الكبير يحاسب ما صدر منه عمداً مثل ما صدر عن غيره خطأً.وكذلك الكلام في قوله (عليه السلام) عمد الصبيان خطأ يحمل على العاقلة.فان ظاهر (ان عمده) اي ما صدر عنه من الفعل في صورة العمد ـ الفعل الذي كان له حكم خاص في صورته، وكان له حكم اخر عند الخطأـ مثل ما يصدر عن غيره خطأً. ومنه يظهر انه لو كان للفعل حكم واحد يجري في صورة العمد و لا حكم له في صورة خطأه لايشمله الخبران. ولعل ما افاده صاحب العروة (قدس سره) في مقام الاستشكال بالاستدلال بالخبرين لاسقاط الكفارة عن الولي والصبي معاً بان قوله (عليه السلام) خطأ مختص بالديات من هذه الجهة لوضوح الفرق بين صورة العمد وصورة الخطأ في الديات بخلاف مورد الكفارات.قال صاحب الجواهر (قدس سره):

«... نعم قد يقال ذلك – ما افاده العلامة بان علي الصبي الفداء لوجوبه بجنايته، فكان كما اتلف مال غيره - فيما يختلف حكمه في حال العمد والسهو في البالغ كالوطي واللبس إذا اعتمد الصبي، فعن الشيخ أنه قال: " الظاهر أنه تتعلق به الكفارة على وليه. وإن قلنا إنه لا يتعلق به شئ - لما روي عنهم (عليهم السلام) " إن عمد الصبي وخطأه واحد " والخطأ في هذه الأشياء لا يتعلق به كفارة من البالغين - كان قويا " واستجوده في المدارك لو ثبت اتحاد عمد الصبي وخطأه على وجه العموم، لكنه غير واضح لأن ذلك إنما ثبت في الديات خاصة.

قلت: وهو كذلك، لبطلان سائر عباداته من صلاة وضوء ونحوهما بتعمد المنافي، ومن هنا قيل بالوجوب تمسكا بالاطلاق ونظرا إلى أن الولي يجب عليه منع الصبي عن هذه المحظورات، ولو كان عمده خطأ لما وجب عليه المنع، لأن الخطأ لا يتعلق به حكم، فلا يجب المنع»[6]

وظاهره ثبوت مضمون الخبرين في خصوص الديات لعدم تمامية اسراء الحكم فيها الى جميع ما صدر عن الصبي عمداً بلا فرق في العبادات وغيرها.

والنكتة التي تنبه عليها (قدس سره) في المقام، انه يجب على الولي منع الصبي عن محرمات الاحرام كما دل عليه قوله (عليه السلام): «ويتقي ما يتقي على المحرم من الثياب والطيب» و لوكان عمد الصبي فيها خطأ لما وجب عليه المنع، لان الخطأ لم يتعلق به حكم فيكف يمكن تصوير المنع عنه.

 


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحرالعاملی، ج29، ص400، أبواب العاقلة، باب11، ط آل البيت.
[2] عدة الاصول، الشيخ الطوسي، ج1، ص149.
[3] رجال النجاشي، النجاشي، ص71.
[4] معجم رجال الحديث، السيدابوالقاسم الخوئي، ج14، ص254.
[5] عدة الاصول، الشيخ الطوسي، ج1، ص149.
[6] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي الجواهری، ج17، ص239 و 240.