درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/10/22

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كتاب الحج / في شرائط وجوب حجة الإسلام

قال السيد الخوئي:« ثم إن المشهور لم يفرقوا بين الصبي، والصبية، ولكن صاحب المستند استشكل في الصبية بدعوى اختصاص النصوص بالصبي، وإلحاق الصبية به يحتاج إلى دليل وهو مفقود. فإن مورد الروايات الدلالة على الاحجاج إنما هو الصبي، وأما الصبية فلم ترد في الروايات.

وأما ما يظهر من بعض الروايات «أن الجارية إذا طمثت فعليها حج الاسلام وإن كانت قد حجت قبل البلوغ»، فهو ناظر إلى حج الصبية بنفسها وغير ناظر إلى استحباب الاحجاج بها.

وبعبارة أخرى المستفاد من تلك الروايات رجحان حج الصبية بنفسها، والروايات الواردة في الاحجاج موردها الصبي ولا تشمل الصبية. هذا ولكن يمكن استفادة حكم الصبية من بعض هذه الروايات، مثل معتبرة يونس بن يعقوب عن أبيه «قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن معي صبية صغارا وأنا أخاف عليهم البرد فمن أين يحرمون، قال: إبت بهم العرج فليحرموا منها».

فإن الصبية وإن كانت جمعا للصبي وجمع الصبية الصبايا، إلا أن المتفاهم العرفي من الصبية الصغار من الأولاد أعم من الذكر والأنثى. وبذلك يظهر دلالة غيرها من الروايات أيضا. »[1]

هذا وقد اورد النراقي (قدس سره) بانه لايتم الاستدلال بمعتبرة يونس بن يعقوب لان الثابت منها حج الصبية لا الحج بهاوموضوع البحث في المقام الاحجاج بها.

وقد اجاب عنه السيد الحكيم (قدس سره) « بان قوله (عليه السلام): " ائت بهم " عدم استقلالهم في الأمور وكونهم تحت تصرفه. فلاحظ.»[2]

ويمكن ان يقال: ان مع فرض كون المراد من الصبية الانثى او الاعم من الذكر والانثى كما احتمله السيد (قدس سره) فانه لاينافي قوله: «ائت بهم» مع كونهم بالمعين او من اهل التميز، لان مع فرض البلوغ خصوصاً في الصبية فانه لاشبهة في عدم تعارف استقلالهم في السفر واختيار المواقيت.

وعليه فان قول الراوي ان معي صبية صغاراً لا يختص بما لو كان تحت تكفله اطفالاً غير مميزين، بل اعم من المميز وغير المميز ومعه فانما يشمل من يتمكن من الاتيان بالحج من دون لزوم الاحجاج به.وهذا الاشكال من المستند وارد، ولا يدفعه ما افاده السيد الحكيم والسيد الخوئي (قدس سرهما)نعم، الظاهر ان صاحب المستند استسلم كون المراد من الصبية جمع الصبي والصبية، ولذا اورد على دلالة المعتبرة بعدم مشمولها لغير المميز.

والحق ان الصبية جمع للصبي وجمع الصبية الصبايا وفي الرواية اراد الراوي في السؤال الجمع بقرينة قوله: «وانا اخاف عليهم».

وعليه فالرواية غير قابلة للاستناد لشمول الصبية حتى مع قطع النظر عن اشكال صاحب المستند.

نعم ان هنا كلام في ما يتفاهم عرفاً من لفظ الصبي في الاخبار الواردة في المقام كقوله (عليه السلام): «انظروا من كان معكم من الصبيان» او قول الراوي: «ان معي صبياً مولوداً» او سألت اباعبدالله(عليه السلام): «عن غلمان لنا» فانه ليس المراد من عنوان الصبي مفرداً او جمعاً او الغلام او الغلمان خصوص الذكر، بل المتفاهم العرفي من العنوان ما هو اعم من الانثى فهو نظير قوله (عليه السلام): «طلب العلم فريضة على كل مسلم» او قوله (عليه السلام): «عز المرء استغنائه عن الناس» او فان المراد من المرء او المسلم ما هو اعم من المسلم والمسلمة بمقتضى المتفاهم العرفي فهو في الحقيقة انما يدل على جنس المسلم او جنس الانسان بلا فرق بين الذكر والانثى.

وهذا المعنى جار في معتبرة يونس بن يعقوب ايضاً فان قوله: «فان معي صبية صغاراً» فالمراد ان معي صبايا اي جمع الصبي، ولكن المراد من الصبي الفرد ما يدل على الجنس الاعم من الذكر والانثى، وهذا مايقتضيه الفهم العرفي اذ لايتم بان «عز المرء استغنائه عن الناس» دون عز المرأة وكذا في حديث طلب العلم.

وعليه فما افاده المشهور المقصود من شمول استحباب الاحجاج للصبية مضافاً الى الصبي تام لا نقاش فيه ولا يرد عليه ما افاده في المستند.

هذا ثم افاد صاحب العروة: «وكذا المجنون وان كان لا يخلو عن اشكال لعدم نص فيه بالخصوص فيستحق الثواب عليه.»

قال السيد الحكيم في توجيه شمول استحباب الاحجاج له:

« ألحقه الأصحاب بالصبي. واستدل في المنتهى: بأنه لا يكون أخفض حالا منه. وهو كما ترى ! فالعمدة فيه: قاعدة التسامح، بناء على اقتضائها للاستحباب.»[3]

وافاد الشيخ (قدس سره):« و في إلحاق الصبيّة بالصبيّ وجه مقطوع به في كلام الأصحاب.

نعم، ألحق المحقّق و المصنّف الجنون، نظرا إلى أنّه ليس أخفض حالا من الغير المميّز. و ظاهر نظرهما إلى ثبوت عموم الترغيب في الحجّ و الإحجاج. فتأمّل.»[4]

ونظره (قدس سره) الى الاختيار المحقق في المعتبر والعلامة في ارشاد الاذهان والمنتهى ذلك. وظاهر الشيخ (قدس سره) التامل فيما يحتمله من الوجه وهو ثبوت عموم الترغيب في الحج والاحجاج.وافاد السيد الخوئي (قدس سره):

« ذكر الأصحاب أنه كالصبي في استحباب الاحجاج، ولا دليل عليه فإن الأحكام الشرعية واجبة كانت، أو مستحبة غير متوجهة إلى المجنون أصلا فإنه، كالبهائم، وإلحاق المجنون بالصبي يشبه القياس مع أنه قياس مع الفارق، ولا بأس بالاحجاج به رجاءا.»[5]

وما افاده (قدس سره) يشبه قول صاحب الحدائق في المقام:

« وألحق الأصحاب المجنون، واستدل عليه في المنتهى بأنه ليس أخفض حالا من الصبي. وهو ضعيف فإنه لا يخرج عن القياس، مع أنه قياس مع الفارق.»[6]

ويمكن ان يقال: ان ما افاده السيد الخوئي (قدس سره) من ان الاحكام الشرعية واجبة كانت او مستحبة غير متوجهة الى المجنون اصلاً فانه كالبهائم.

يمكن ان التامل فيه: بان الاحكام الشرعية غير متوجهة الى غير المميز ايضاً واجبة كانت او مستحبة والكلام في المقام انما هو في استحباب عمل الولي دون غيره المميز، وهذا كما يمكن تصويره في الصبي غير المميز فكذلك يمكن تصوير استحباب احجاج المجنون للمولى، فليس الكلام في توجه الحكم الى المجنون كما انه ليس البحث في المقام في توجه الاستحباب الى غير المميز.

هذا مع انه لا يتم الالتزام بان المجنون كالبهائم، وذلك لانه ثبت في حقه احكام خاصة في الشريعة كلزوم تكفله ورعاية جهات في كفنه ودفنه مما لايجري في البهائم.وعليه فانه وان ليس لنا نص في مورده كالصبي غير المميز الا ان الحاق الاصحاب المجنون بالصبي غير المميز يلزم ان يكون بتنقيح المناط واسراء مناط استحباب فعل الولي في مقام الاحجاج من الغير المميز الى المجنون واسراء الحكم وتنقيح المناط انما يمكن من موضوع الى موضوع اذا لم يكن لما يسري منه خصوصية تقتضي حصر المناط فيه دون ما يسري اليه.

ويمكن ان يقال: ان هذه الخصوصية غير موجودة في الطفل لاشتراك غير المميز مع المجنون في كثير من الجهات، وما افاده المحقق والعلامة من انه ليس اخفض حالاً من غير المميز ظاهر في هذه الجهة.

وعليه فان نظر المشهور في الالحاق يحتمل ان يكون لذلك.واما ما احتمله السيد الحكيم (قدس سره) من ان العمدة فيه قاعدة التسامح. فان ما يلزم الدقة فيه.

 


[1] كتاب الحج، السيدابوالقاسم الخوئي، ج1، ص32.
[2] مستمسك العروة الوثقي، السيد محسن الطباطبائی الحكيم، ج10، ص20.
[3] مستمسك العروة الوثقي، السيد محسن الطباطبائی الحكيم، ج10، ص20.
[4] كتاب الحج، الشيخ مرتضی الانصاري، ص20.
[5] كتاب الحج، السيدابوالقاسم الخوئي، ج1، ص33.
[6] الحدائق الناظرة، الشيح يوسف البحراني(صاحب الحدائق)، ج14، ص65.