درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/08/26

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كتاب الحج / فضله وثوابه

الثالثة: قد افاد صاحب الجواهر في مقام النقد على ما ذكره صاحب المدارك من التزام العلامة بجواز التاخير في حج النائب:

« وإطلاق التذكرة يمكن تنزيله على ما لا يشهد له من غلبة التأخير مع الوثوق، على أن كلامه مفروض في حج النائب على ما صرح به، وحكم الأجير يتبع رضى المستأجر، ومعلوم منه عادة المضايقة في التأخير مع عدم الوثوق.

ولو سلم جواز التأخير في حق النائب فلا يلزم منه الجواز لغيره، إذ الفورية فيه تتبع العقد، وفي غيره تثبت بمقتضى الدليل، ومع اختلافهما في المدرك لا يجب توافقهما في الحكم .»[1]

ويمكن ان يقال:ان الحكم في الاجير تابع لمقتضى العقد، وهذا مما لا شبهة فيه، ولكن مفروض كلام العلامة انه لو انعقد العقد على الاتيان بالحج في سنة معينة فابي فيها عن المسير مع القافلة الاولى وفرضنا حصول الوثوق له بادراك القافلة الثانية او حصول الظن او احتمال ادراكه، فهل يجوز التأخير عن الاولى، فان اطلاق الجواز في كلام العلامة حسب ما نقله صاحب المدارك يعني جواز التاخير في هذا الصور، والا فلا شبهة لحد في عدم جواز التخلف عما قرر في العقد للاجير و الا يبطل عقد الاجارة، و لايحتاج ذلك الى تصريح مثل العلامة بحكمه واطلاق قوله بالجواز ينافي الصور المفروضة في عقد الاجارة الشاملة للتخلف عن مقتضى العقد.فيلزم ان يكون المفروض في كلام العلامة صورة تاخير الاجير الموظف بادراك الحج في السنة، ومعه لا يفرق المقام معه ولا خصوصية للاجير في الفرض.الرابعة:افاد صاحب الجواهر:ان ما ادعاه صاحب المدارك من القطع بالجواز في تأخير المسير عن القافلة الاولى اذا كان مسيره قبل اشهر الحج. مما لا يمكن المساعدة عليه، لانه انما يتم اذا كان وجوب المقدمة وهي في المقام قطع المسافة، لتعلق الخطاب المنجز – ومفروضة عدم تنجز الخطاب قبل اشهر الحج – وهو باطل، حيث ان لازمه جواز التخلف عن الوفد الخارج قبل اشهر الحج مع الانحصار.بل يجب اناطة التكليف بالمقدمة المذكورة بالخطاب المعلق، بمعنى انه حيث اذا دخلت اشهر الحج لوجب الحج لفرض الاستطاعة، فتجب الاتيان بالمقدمة التي لو لم يات بها لفات الواجب في وقته، فيلزم الفرق بين دخول زمان الواجب وزمان الوجوب، وان الواجب وان لم يدخل وقته الا ان الوجوب انما تثبت بمجرد الاستطاعة، وعليه فلا فرق بين خروج القافلة قبل اشهر الحج او بعدها في وجوب المسير معها – اي القافلة الاولى-، لان المسير مع القافلة‌ الخارجة قبل اشهر الحج كباقي افراد الواجب الموسع الذي يتضيق بخوف الفوات. و مفروض الكلام من هذا القبيل لعدم الوثوق بالمسير مع الرفقة الاخرى، فيجب التقديم وهو المطلوب.

ثم افاد (قدس سره): بان اشتغال الذمة يقيناً يستدعي الفراغ يقيناً، ومعه يجب الاتيان بالفرد الذي يعلم معه حصول الامتثال، ولا يتحقق ذلك الا بالخروج مع الرفقة الاولى ضرورة‌ انتفاء العلم فيه مع التأخير.

وزاد عليه: فكذا ما يقوم مقامه – العلم – من الظن.

واضاف بان مجرد الاحتمال الذي ادعى صاحب المدارك كفايته في الجواز لا عبرة به، اذ لا اقل من الظن فيما الاصل فيه اليقين، وعليه فلا شبهة في عصيانه بالتأخير مع التمكن من الرفقة الاولى من دون وثوق بغيرها. ويمكن ان يقال:انه لا شبهة في وجوب المقدمة اذا توقف فوات الواجب على تفويتها ولا فرق في ذلك بين كون المقدمة قبل زمان الواجب او بعده كما لا فرق في وجوبه بين الالتزام بالواجب المعلق او عدم الالتزام به، وذلك لان المقدمات المفوتة ‌وهي ما يلزم فوات الواجب بتفويته واجبة عقلاً كما مر في محله، وهذا لا كلام فيه.ولكن هذا انما يتم تطبيقه على المقام اذا فرضنا حصر ادراك الحج في الخروج مع الرفقة الاولى. فاذا فرض استطاعة المكلف وتمكنه من الخروج معها. فانما يجب عليه الخروج معها ولو كان خروجه قبل اشهر الحج. واما مع غير حصر ادراك الواجب بها. ووجود رفقات اخرى او رفقة اخرى يتمكن معها من ادراك الحج، وكان يثق بخروجها وادراكها، فانه ليس تفويت المقدمة بترك الخروج مع الرفقة الاولى مستلزماً لترك الواجب في وقته، بل يمكن الاتيان بالواجب مع مقدمات اخرى. وعليه فان اشتغال الذمة وان يستدعي الفراغ يقيناً لا يوجب الخروج مع الرفقة الاولى مع التمكن من الخروج مع الرفقة الثانية وحصول الوثوق بخروجها وادراكها. وفي هذا المقام وان افاد صاحب الجواهر بقيام الظن مقام الوثوق، ولعله كان لاجل التنزيل والتسلم مع قبال ما ادعاه صاحب المدارك من كفاية احتمال الخروج والادراك الا ان لما افاده وجه كما مر في كلام السيد الحكيم (قدس سره) في المستمسك. وعليه فانه لا يتم دفع ما افاده صاحب المدارك بالاستناد على قاعدة الاشتغال او وجوب الاتيان بالمقدمة في فرض حصرها، ولو كان قبل اشهر الحج. بل يلزم البحث في انه هل يكون تارك الخروج مع الرفقة الاولى مع احتماله خروج الثانية احتمالاً عقلائياً، يعتنى به العقلاء في تعاملاتهم مفوتاً للواجب ومهملاً له وان اتفق ادراكه مع الثانية ام لا؟

نعم، يرد على صاحب المدارك فيما افاده وينبغي القطع بالجواز اذا كان سفر الاولى قبل اشهر الحج، فانه (قدس سره) في مقام كفاية الاحتمال افاد: بل يحتمل قوياً جواز التأخير بمجرد احتمال الثانية.حيث انه لا فرق بين خروج الرفقة الاولى قبل اشهر الحج وبعدها وان كان لما افاده من كفاية الاحتمال وجهاً لما مر ان العقلاء يعتنون بالاحتمال في تعاملاتهم. وانه (قدس سره) افاد في وجهه لانتفاء الدليل على فورية المسير بهذا المعنى، ومراده ان بعد فقد الدليل على وجوب الفورية فان باقي الافراد مع احتمال خروجها. والتمكن من الخروج مع كل واحد منها، تعد من افراد الواجب الموسع، ولا وجه لتضيق التكليف في فرد خاص منها.

الخامسة: قد افاد الصاحب الجواهر (قدس سره):انه اذا تأخر مع التمكن من الرفقة الاولى من دون وثوق بغيرها، فان لم يتفق له الخروج مع الرفقة الثانية او غير الاولى من الرفقات، فانما تاخر الحج من عام الى آخر مع التمكن، وهو عصيان. وان اتفق له الخروج مع الثانية، فان التزمنا بان العزم على الفرد الاخر مع التمكن من الاتيان بالفرد الاول يكفي لجواز التاخير.فان في المقام يستحيل العزم على الفرد الاخر مع عدم الوثوق به و في فرض التمكن من الاولى.وان لم نلتزم بكفاية بدلية العزم على الفرد الاخر، فالعصيان ثابت له من حيث التعرض للمعصية والجرأة عليه بالتاخير عن الرفقة الاولى مع عدم الوثوق بالثانية.ثم افاد بانه ولو تمكن بعد التاخير عن الرفقة الاولى من الحج فان التمكن اللاحق لا يرفع حكم الاجتزاء السابق ولا فرق في المتجري بين المصادف للتمكن وغيره مما يتعلق بالاختيار.ولا يمكن التفريق بين المصادف للتمكن وغير المصادف له بعصيان احدهما دون الاخر فانه تحكم ظاهر، ولذا يتوجه عليه العزم على التقديرين.وما يقال من ان العزم على المعصية ليس بمعصية فعلى تقدير تسليمه انما هو في العزم الذي يبقى معه الاختيار لا في مطلق العزم.

 


[1] جواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج17، ص226.