درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/08/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فضله وثوابه، رقم الجلسة24، كتاب الحج

قال صاحب العروة (قدس سره):

«فلا يجوز تأخيره عنه، وإن تركه فيه ففي العام الثاني وهكذا، ويدل عليه جملة من الأخبار. [1]

فلو خالف وأخر مع وجود الشرائط بلا عذر يكون عاصيا، بل لا يبعد كونه كبيرة، كما صرح به جماعة ويمكن استفادته من جملة من الأخبار.»

قال المحقق في الشرايع: «والتاخير مع الشرائط كبيرة موبقة.»[2]

وافاد الشهيد في المسالك: «بلا خلاف عندنا.»

وفي المدارك بعد نقل قول المحقق: « هذه الأحكام كلها إجماعية على ما نقله جماعة منهم المصنف في المعتبر.»[3]

وافاد صاحب بالجواهر في شرح كلام المحقق في الشرائع:

« بل الظاهر أن التأخير مع الشرائط عن عام الاستطاعة معصية كبيرة موبقة ومهلكة كما صرح به غير واحد وإن حج بعد ذلك »[4]

وقال في مقام الاستدلال لذلك:« لكونه كذلك في نظر أهل الشرع، ولما رواه الصدوق عن الفضل بن شاذان عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) إنه كتب إلى المأمون تفصيل الكبائر، ومن جملتها الاستخفاف بالحج الصادق بالتأخير عن عام الاستطاعة. مضافا إلى ما قيل من أنه قد يصادف الترك أصلا الذي لا إشكال في أنه كبيرة. بل في الكتاب والسنة إطلاق اسم الكفر عليه المعلوم أنه من الكبائر في النصوص والفتاوى ولو الكفر بمعنى الخروج عن الطاعة الشامل لما نحن فيه، كما يشهد له الصحيح " سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الكبائر فقال: هي في كتاب علي ( عليه السلام ) سبع:

الكفر بالله عز وجل وعقوق الوالدين[5] وأكل الربا بعد التنبه وأكل مال اليتيم والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة، قلت: فهذه أكبر المناهي قال: نعم، قلت: فأكل درهم من مال اليتيم ظلما أكبر أم ترك الصلاة ؟ قال: ترك الصلاة، قلت: ما عددت ترك الصلاة في الكبائر فقال: أي شئ أول ما قلت لك، قال: قلت: الكفر، قال:

فإن تارك الصلاة كافر يعني من غير علم ". فإنه ظاهر في إرادة ما يشمل المقام من الكفر المعدود في الكبائر، بل لو قلنا إن الحج أعظم من الصلاة أو أن المراد من الصلاة ما يشمل صلاة الطواف كانت الدلالة ظاهرة، إلا أنه لا يخفى عليك ما فيه: ضرورة أن ذلك في الترك لا في التأخير عن عام الاستطاعة وإن حج بعده في العام الآخر الذي هو مفروض البحث دون الترك أصلا، بل دون تكرار التأخير إصرارا بلا تخلل توبة، فإنه لا صغيرة مع الاصرار، فالعمدة حينئذ ما ذكرناه أولا، أما الترك أصلا فكونه من الكبائر مفروغ منه بل يمكن دعوى كونه ضروريا.»وقال السيد الخوئي (قدس سره):

« ولكن المستفاد من النصوص أن ترك الحج برأسه من الكباير ومن الموبقات الكبيرة. [6] وأما التسويف، وترك المبادرة فقط من دون الترك برأسه فهو معصية لأنه ترك ما وجب عليه من الفورية وأما كونه كبيرة فلم يثبت. نعم عد في خبر الفضل بن شاذان من جملة الكباير الاستخفاف بالحج. فإن أريد به الاستخفاف بأصل الحكم الإلهي في الشريعة المقدسة فهو وإن كان مذموما ومبغوضا في الشرع لكنه أجنبي عن الاستدلال به في المقام. إذ لا دلالة فيه على أن التأخير من الكباير.ولو أريد به الاستخفاف العملي لأن تركه وعدم الآيتان به في العام الأول، وتأخيره عنه، نوع من الاستخفاف بالحج فالدلالة تامة ولكن الرواية ضعيفة السند لا يمكن الاعتماد عليها.»

ويمكن ان يقال:قد مر ان ترك الحج من الكبائر بمقتضى ما مر في صحيحة عبدالعظيم الحسني حيث عد فيها ترك الصلاة من الكبائر، وكذا ترك كل ما فرضه الله على العباد كما انه قد مر ان الاستخفاف بالحج من الكبائر بمقتضى معتبرة فضل بن شاذان.ولكن الكلام في المقام ليس في ترك الحج، بل في ترك التعجيل به، و تاخيره عن عام الاستطاعة بانياً على اتيانه بعد ذلك مع فرض علمه او وثوقه بالبقاء والتمكن من الاتيان به.فانه مع الاتيان بالحج في العام المتاخر لا يكون تاركاً للحج، وكذا ان من اخره عن العام الاول لداع عقلائي ليس مستخفاً بالحج، فلا يمكن شمول صحيحة عبدالعظيم الحسني و لا معتبرة فضل الشاذان له حتى عد ترك التاخير من الكبائر.فان بين ترك التعجيل والاستخفاف عموم من وجه فلا ينطبق عنوان الاستخفاف على تركه في العام الاول بداع عقلائي كما ربما ينطبق على صورة اتيانه ايضاً.واما ما افاده صاحب الجواهر (قدس سره) من الاستدلال بقوله في صحيحة عبيد بن زرارة: قلت: ما عددت ترك الصلاة في الكبائر.فقال:اي شيء اول ما قلت لك، ‌قال: قلت: الكفر قال فان تارك الصلاة كافر، يعني من غير علم.بتقريب انه لو قلنا ان الحج اعظم من الصلاة فاذا كان تركها من الكبائر يكون ترك الحج من الكبائر بطريق اولى:وفيه: ان صحيحة عبيد بن زرارة لا تدل عنده على اكثر من ان ترك الحج من الكبائر كترك الصلاة، ولكن الكلام في المقام ليس في ترك الحج، بل في ترك التعجيل به وترك اتيانه في العام الاول من الاستطاعة وقد مر تمامية دلالة صحيحة عبدالعظيم الحسني على كون ترك الحج من الكبائر.هذا مع انه ربما يقال:ان في الصحيحة تنزيل ترك الصلاة بالكفر، وهو كما مر لا يمكن التمسك فيه باطلاق التنزيل وتسرية احكام الكفر الى تارك الصلاة بل المتيقن من التنزيل اهمية الصلاة وحزازة تركه بحيث تصل الى حد حزازة الكفر عند الله تعالى.نعم هي تدل على ان تركها يبلغ بمثابة الكفر في الحزازة والمبغوضية وكما ان الكفر كبيرة فكذا ترك الصلاة.هذا ولكن في ذيل الرواية في الوسائل: فان تارك الصلاة كافر يعني من غير علة، وفيما نقله صاحب الجواهر من غير علم.فلو كان الكلام المذكور من الامام (عليه السلام) كما هو ظاهر النقل، فانما يدل على عدم اطلاق التنزيل، فان تارك الصلاة متعمداً او بعد تمامية الحجة عليه ينطبق عليه عنوان الكفر.واما تاركها في اول وقتها بنية ادائها بعد ذلك، او من ابتلى بتركها لعذر فلا تشملها اطلاق التنزيل. فلو اراد صاحب الجواهر بالاستدلال بها انطباق الكبيرة على ترك الحج الناشي عن تاخير الاتيان به عن عام الاستطاعة، فلا يتم ذلك مطلقا نظراً الى ذيل الرواية مع ما مر في هذا الكلام من الاشكال.نعم ان الرواية صحيحة سنداً لان الكليني نقلها في الكافي عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمر عن عبدالرحمن بن الحجاج عن عبيد بن زرارة عن ابي عبدالله (عليه السلام) الا ان الاشكال في تمامية الاستدلال به في المقام.

[1] العروة الوثقي، ج4، ص343-344، (المحشي).
[2] شرايع الاسلام، المحقق الحلي، ج1، ص163.
[3] مدارك الاحكام، السيد محمد العاملي، ج7، ص15.
[4] الجواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج17، ص224.
[5] الجواهر الكلام، الشيخ محمد حسن النجفي، ج17، ص224- 225.
[6] كتاب الحج، السيد الخوئي، ج1، ص18.