درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/07/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فضله وثوابه، رقم الجلسة18، كتاب الحج

ومما ذكرنا ظهر عدم تمامية ما افاده السيد الخوئي (قدس سره) في مقام الاستدلال بالاخبار:« هذا مضافا إلى دلالة النصوص على الفورية ولزوم المبادرة. منها - معتبرة أبي بصير قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: من مات وهو صحيح موسر لم يحج فهو ممن قال الله عز وجل: ونحشره يوم القيامة أعمى قال: قلت: سبحان الله أعمى ؟ قال: نعم إن الله عز وجل أعماه عن طريق الحق) وهي واضحة الدلالة على وجوب المبادرة، وعدم جواز التأخير ولو كان التأخير جائزا لم يكن وجه لعذابه، وعقابه.

ومنها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: (قال الله تعالى ﴿ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ﴾ قال: هذه لمن كان عنده مال، وصحة وإن كان سوقه للتجارة فلا يسعه، وإن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرايع الاسلام إذا هو يجد ما يحج به)،

وغيرهما من سائر الروايات الدالة على الفورية.»[1]

وذلك لانه لا دلالة في الرواية الاولى على وجوب التعجيل والمبادرة باول الوجود ذاتاً، فضلاً عن وضوحها، والعذاب والعقاب الذي اوعد عليه في الرواية انما هو على ترك الحج بتصريحه (عليه السلام) من مات ولم يحج....وكذلك الكلام في الرواية الثانية اي صحيحة معاوية بن عمار فانه (قدس سره) لم يتعرض لذيل الرواية، بقوله: «وان دعاه قوم ان يحجوه فاستحيى فلم يفعل فانه لا يسعه الا الخروج ولو على حمار اجدع ابتر»، فانه صريح في ان من تأخر الحج، وجب عليه ووقع في ذمته حتى اذا كان معسراً بعد ذلك، وانه لا يترتب عليه الا ذلك.

واما ما افاده فيما مر منه (قدس سره): ان عدم حصول الوثوق بالبقاء مع الحوادث والعوارض التي يمكن ان يبتلي بها كل انسان و تمنعه عن الاتيان بالحج يقتضي التعجيل احتياطاً كما هو المتيقن عند الشيخ (قدس سره) حيث افاد و المتيقن وجوب التعجيل احتياطاً.

وبناءً عليه، ان الاوامر الواردة في التعجيل والفورية، كالأوامر الواردة بالاحتياط في الشبهات فان لها الطريقة الى اهتمام المكلف بالتكليف، وعدم المسامحة فيه لئلا يبتلي بتركه. ومعه لا يترتب عليها اكثر مما يترتب على الواقع، وهو تفويت الفرض والتكليف المحتمل تحققه عند التأخير، فلا تقتضي الوجوب في التعجيل، وعدم الجواز في التأخير. ولا يستفاد منها اكثر من عدم معذورية المكلف في ترك الواجب.وافاد (قدس سره)، بعد ذلك:«وبالجملة. يكفينا حكم العقل بوجوب المبادرة وبعدم جواز تأخيره عن عام الاستطاعة.»وقد افاد الشيخ (قدس سره)، في مقام بيان اقتضاء الاجماعات المتقدمة:«نعم ظاهر الاجماعات المتقدمة هي القول بالفورية الشرعية مع احتمال تنزيل كلماتهم على ما ذكره المحقق من الفورية العقلية.»ومراده (قدس سره) ما نقله عن المحقق في المعتبر:«ان التأخير تعرض لنزول العقاب لو اتفق الموت، فتجب المبادرة صوناً للذمة عن الاشتغال.»ويمكن ان يقال في تقريب هذا الوجه:ان مع تأخير الحج عن عام وجوبه يحتمل الابتلاء بترك الواجب، لانه كما يحتمل بقاؤه الى العام المتأخر يحتمل موته، فلو مات يبتلي بعقوبة ترك الواجب، وعدم فراغ ذمته عن تكليف الحج وبقاء اشتغالها بموته فيلزمه التحفظ على غرض المولى بالتحفظ على هذا الاحتمال، وهو بيان للاحتياط في المقام الا ان الوجه له العقل، ولعل نظر السيد الخوئي (قدس سره) بكفاية حكم العقل بوجوب المبادرة الى ذلك.ولكن حد الحكم العقلي في المقام. ادراك القوة العاقلة حسن الاهتمام المزبور بما انه اهتمام في طاعة المولى وحيث ان العقل مستقل بحسن الطاعة وقبح العصيان من باب استقلاله بحسن العدل و قبح الظلم، فانه لا شبهة في ان كل ما اتى به العبد في مقام اطاعة المولى والتحفظ على اغراضه ولو المحتملة منها حسن عنده. ولكن العقل في المقام لا يدرك في التكاليف الموسعة التي لها افراد بحسب الزمان، ان العبد اذا لم يات بالفرد الاول مع علمه او وثوقه بامكان إتيانه بالفرد الثاني او الافراد المتأخرة، قبح التأخير، ليستفاد منه الالزام، نعم التعجيل في هذا المقام عنده حسن، كما ان الاحتياط في مقام التحفظ على اغراض المولى في كل مورد محكوم عنه بالحسن، واما قبح ترك هذا التعجيل، وترك الاحتياط فليس مما يستدل به العقل.

تعم يتم تقريب المحقق في الواجبات المضيقة دون الموسعة، حيث ان العقل مستقبل بقبح تركه لانه ليست للمكلف الفرصة للاتيان بها في وقت آخر اذ ليس في الواجبات المضيقة افراد بحسب الزمان فهي كصوم شهر رمضان فيلزم المبادرة على اول الوجود، اذا امكن تصوير البداية فيه.

 


[1] كتاب الحج، السيد الخوئي، ج1، ص18.