درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

1400/11/19

بسم الله الرحمن الرحیم

تقریر فقه، جلسه71

بحث در نقل کلام مرحوم حکیم(ره) بود.

مرحوم خوئی(ره) می فرمایند:

يقع الكلام من ناحيتين:

الأولى: من حيث القضاء و الكفارة.

الثانية: من حيث صحة الحج الذي أتى به راكبا، و يظهر حكمهما‌ من بيان الصور المذكورة في المتن.

الصورة الأولى: ما إذا تعلق النذر بالحج ماشيا في سنة ما من غير تقييد بسنة معينة، فخالف فحج راكبا.

ذكر المصنف أنه يجب عليه الإعادة و لا كفارة عليه.

أما وجوب الإعادة و الإتيان عليه فواضح، لأنه لم يأت بالمنذور فيجب عليه إتيان الحج ماشيا وفاء لنذره، و لا يخفى أن التعبير بالإعادة فيه مسامحة واضحة، لأن الإعادة وجود ثانوي للأول لخلل فيه و مقامنا ليس كذلك، لأنه إنما يجب عليه الإتيان لعدم إتيانه بالمنذور أصلا، نظير ما لو نذر إعطاء درهم لزيد فأعطاه إلى عمرو، فإنه يجب عليه إعطاء الدرهم لزيد وفاء لنذره و ليس ذلك من الإعادة، فالصحيح أن يقال:

أنه لو نذر المشي فخالف و حج راكبا، يجب عليه إتيان الحج ماشيا في السنين المقبلة، و لا يجزي ما حجه راكبا عن الحج ماشيا.

و أما عدم الكفارة فلعدم الحنث، لأن المفروض عدم تقييد الحج بسنة خاصة، نعم لو أخره إلى أن عجز عن الإتيان يجب عليه الكفارة لتحقق الحنث حينئذ.

الثانية: ما إذا كان المنذور الحج ماشيا في سنة معينة فخالف و أتى به راكبا ذكر- رحمه اللّه- أنه يجب عليه القضاء و الكفارة.

أما الكفارة فللحنث، و أما وجوب القضاء فمبني على ما تقدم من وجوب قضاء الحج المنذور.

الثالثة: ما إذا كان المنذور المشي في حج معين كالحج النيابي أو الحج الاستحبابي فخالف و حج راكبا، وجبت الكفارة لحصول الحنث و أما القضاء فغير واجب لفوات محل النذر، و سقوط الحج المعين‌ بالإتيان به فلا موضوع للقضاء و التدارك.

هذا كله من ناحية القضاء و الكفارة.

و أما من ناحية صحة الحج الذي أتى به راكبا، فقد ذكره (ره) ان الحج صحيح في جميع الصور خصوصا الأخيرة، و عللها بأن النذر لا يوجب تقييد الواجب، و التخلف في النذر لا يوجب التخلف في الحج، كما أن عدم الصحة من حيث النذر لا يقتضي بطلان أصل الحج فيكفي في صحته الإتيان به بقصد القربة و إن كان مخالفا لنذره.

و أظن أن كلمة (خصوصا) سهو من قلمه الشريف، إذ لا خصوصية للصورة الأخيرة من حيث الصحة، و الصحيح أن يقال:

حتى الأخيرة.

أما الصحة في الصورة الأولى: و هي ما إذا كان المنذور طبيعي الحج من حيث السنة، و من حيث أنواع الحج، فلا ينبغي الريب في الصحة و لا موجب لتوهم الفساد أصلا.

و أما الثانية: و هي ما إذا قيد المشي بسنة معينة و حج راكبا، مأمور به و لا موجب لبطلانه من جهة مخالفة النذر.

و سيأتي الكلام فيما استدل به على البطلان.

و أما الثالثة: فربما يتخيل فيها البطلان، لأن نذره تعلق بالمشي في حج خاص و النذر يوجب تقييد الواجب، و ما أتى به مخالف للمأمور به فيقع فاسدا، نظير ما لو نذر أن يصلي جماعة أو في المسجد فخالف و صلى فرادى، أو في بيته، فإنهم حكموا ببطلان الصلاة لأنه لم يأت بالمأمور به و ما أتى به لم يؤمر به. و فيه: ان الحج الذي أتى به كالحج النيابي واجب مطلق، كالأمر بالصلاة فإنه أيضا مطلق من حيث الجماعة و الفرادى، و النذر لا يوجب تقييدا في متعلق الوجوب كما أنه لا يمنع من انطباق الطبيعي على المأتي به، و إن كان مخالفا لنذره، فالقاعدة تقتضي الحكم بالصحة لانطباق الطبيعي عليه.

فتحصل: أن الحج في جميع الصور الثلاثة، محكوم بالصحة، و إنما يتخيل البطلان في الصورة الأخيرة، و لكنه فاسد كما عرفت.

ثم انه قد استدل لبطلان الحج الصادر منه راكبا في جميع الصور المتقدمة، بوجهين آخرين:

الأول: ان الأمر بإتيان الحج ماشيا موجب النهي عن إتيانه راكبا و النهي يقتضي الفساد.

و فيه: أولا، منع كون الأمر بالشي‌ء مقتضيا للنهي.

و ثانيا: ان النهي تبعي، و دلالته على الفساد ممنوعة.

و ثالثا: أنه لا يجري هذا الدليل في الصورة الأولى، فهو أخص من المدعى، لتعلق النذر فيها بطبيعي الحج و في سنة ما من دون تقييد بسنة معينة، فليس الحج راكبا ضدا للطبيعي، فلا مضادة بين المأمور به و بين ما أتى به أصلا.

الثاني: أن المنوي و هو الحج النذري لم يقع و غيره لم يقصد.

و بعبارة أخرى: لا ينطبق المنوي على الموجود الخارجي، و الموجود الخارجي لم يكن منويا: و أجاب عنه في المتن: من أن الحج في نفسه مطلوب، و قد قصده في ضمن قصد النذر و هو كاف، نظير ما لو صام أياما بقصد الكفارة ثم ترك التتابع فلا يبطل صيامه في الأيام السابقة و إنما يبطل من حيث كونه كفارة، فيقع صوما مستحبا قريبا في نفسه، و كذا إذا بطلت صلاته لم تبطل قرائته و أذكاره التي اتى بها من حيث كونها قرآنا و اذكارا و دعاء.

أقول: لا وجه أصلا، لتنظير المقام بصوم الكفارة إذا أبطل لتابعه، لان المفروض في المقام انه قصد الحج راكبا من أول الأمر، و لم يأت به بداعي الوفاء بالنذر، بخلاف صوم الكفارة فإنه من الأول قصد صوم الكفارة، و لكن في الأثناء أبطل التتابع، فحينئذ يصح ان يقال: ان صومه السابق يقع مستحبا في نفسه أو يقع باطلا، و يجري فيه الكلام المعروف (ما وقع لم يقصد و ما قصد لم يقع)، إلا ان هذا الكلام لا مجال لجريانه في مقامنا، إذ لا يمكن ان يقال: ان المنوي‌ غير واقع، بل المنوي واقع في الخارج، لان المفروض انه قصد الحج راكبا و هو واقع خارجا، نظير ما لو نذر ان يصلي في المسجد فخالف و صلى في داره، فإن المنوي واقع و ان لم يأت بما كان واجبا عليه، فالمنوي و ما وقع في الخارج متحدان و مغايران لما وجب عليه بالنذر، فلو قلنا بالبطلان فإنما هو لأجل المخالفة، لا لأن ما وقع لم يقصد و ما قصد لم يقع، و تحقق التخالف بين المنوي و ما وقع في الخارج و بين ما وجب عليه بالنذر، لا يوجب بطلان المأتي به، و انما يلزم عليه أ لإتيان بما وجب عليه بالنذر، و اما كون المأتي به صحيحا أم لا؟ فهو أجنبي عن هذه القضية، (ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد) بل ما قصد وقع و ما وقع قصد.

نعم لو حج من أول الأمر ماشيا ثم ركب في أثناء العمل، يمكن ان يقال ان ما وقع لم يكن منويا و ما نواه لم يقع لاختلاف المنوي أو لا بما في الواقع[1] .

 


[1] . معتمد العروة الوثقى؛ ج‌1، ص: 452-457.