الأستاذ مهدی احدی

بحث الفقه

45/08/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/غسل الجنابة /المسائل / الدرس 77

 

جواز العدول عن الترتيبي إلى الإرتماسي وبالعكس

المسألة 10: يجوز العدول عن الترتيب إلى الارتماس في الأثناء وبالعكس؛ ‌لكن بمعنى رفع اليد عنه والإستيناف على النحو الآخر.

‌وأما جواز العدول من الترتيب إلى الإرتماس في الأثناء؛ بمعنى رفع اليد عنه والإستئناف على النحو الآخر، فلإطلاق قوله (ع):" ولو أنّ رجلا جنباً ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزئه ذلك"[1] ؛ والإجزاء يدل على عدم حرمة رفع اليد عن الترتيبيّ، وظاهره جواز العدول.

وأما جواز العدول عن الإرتماس إلى الترتيب فعن السيد الخوئي عدم الجواز بدعوى " أن الإرتماس أمر آني دفعي الحصول، فأمره دائر بين الوجود والعدم، ولا يعقل فيه العدول والبداء في أثنائه".[2]

وفيه: ما تقدم أنّ حقيقة الغسل نفس الغسلات، وهي أمر تدريجي ولو بنحو الإرتماس، فلا معنى أنّه آني الوجود ودفعي الحصول، والدفعة ليس مقابل الزمان بل مقابل العدد؛ أي الإرتماس الواحد؛ سواء كان دفعيّ الحصول أم تدريجيّ.

في مقدار الماء عند الإرتماس

المسألة 11: إذا كان حوض أقلّ من الكرّ يجوز الإغتسال فيه بالارتماس مع طهارة البدن،‌ لكن بعده يكون من المستعمل في رفع ‌الحدث الأكبر، فبناءً على الإشكال فيه يشكل الوضوء والغسل منه بعد ذلك، وكذا إذا قام فيه واغتسل بنحو الترتيب، بحيث رجع ماء الغسل فيه، وأما إذا كان كرّاً أو أزيد فليس كذلك، نعم لا يبعد صدق المستعمل عليه إذا كان بقدر الكرّ لا أزيد واغتسل فيه مراراً عديدةً، لكنّ الأقوى كما مرّ جواز الإغتسال والوضوء من المستعمل.‌

وفيه أمور:

الأمر الأول: لا دليل على اشتراط كرّيّة ما يغتسل فيه بنحو الإرتماس، بل يجوز الإرتماس وإن كان حوض أقل من الكرّ، بشرط طهارة البدن، بل إطلاق قوله (ع) في صحيحة الحلبي " إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسةً واحدة أجزئه ذلك من غسله"[3] ؛ دليل على عدم الاشتراط.

الأمر الثاني: هل يجوز الوضوء في الماء المستعمل للغسل أم لا؟ فيه قولان:

القول الأول: قال الشيخ (قدس سره):'" والمستعمل في غسل الجنابة أكثر أصحابنا قالوا: لا يجوز استعماله في رفع الحدث".[4]

والدليل على ذلك: خبر ابن سنان عن أبي عبد الله (ع): قال: الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به الرجل من الجنابة لا يجوز أن يتوضأ منه وأشباهه".[5] أشباه الماء المستعمل في الجنابة هي الماء المستعمل في غسل الحيض والنفاس. وقال السيد (ره) في فصل الماء المستعمل:" والأقوى جواز استعماله في رفع الحدث أيضاً، وإن كان الأحوط مع وجود غيره التجنّب عنه".

ولذلك قال (ره) في المقام " فبناء على الإشكال فيه يشكل الوضوء منه بعد ذلك"، لحكمه بالجواز كما عرفت.

والاختلاف في دلالة الحديث عند القولين ظاهر، لأنّ الأكثر فهموا من موثقة ابن سنان العموم، وأفتوا بعدم الجواز مطلقاً، سواء كان ترتيبياً أو ارتماسيّاً، ولكن مخالفيهم قالوا: أنّ ظاهرها الماء المجتمع في الإناء أو الحوض من غسالة البدن، لا ما يرتمس فيه".

والحق عندي؛ هو الجواز لما تقدم في الطوائف من الروايات فراجع.[6]

أما حديث محمد بن علي بن جعفر " من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن إلا نفسه"[7] . فمحمول على الكراهة، وأمّا التفصيل بين القليل والكثير والكرّ، فلا وجه له، لعدم اختصاص الحكم بالقليل، ولا يختص بالجنب، بل يجري في الحيض والنفاس وغير ذلك.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص503، أبواب الجنابة، باب26، ح5، ط الإسلامية.
[2] التنقيح في شرح العروة الوثقى، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج5، ص503.
[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص504، أبواب الجنابة، باب26، ح12، ط الإسلامية.
[4] الخلاف، الشيخ الطوسي، ج1، ص172.
[5] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص155، أبواب، باب9، ح13، ط الإسلامية.
[6] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص117، أبواب الماء المطلق، باب9، ح1، ط الإسلامية.
[7] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج1، ص158، أبواب الماء المضاف، باب11، ح2، ط الإسلامية.